مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
لا شكّ أنَّ علماء اللّغة العربيّة كانوا ولا زالوا حريصين على إبراز هُويّة اللّغة من إخراج النّصوص بأسلوب يأخذ بمجامع القارئ ممّا يجعله حاضر الذّهن والشّعور أثناء قراءته للنّص، ولابدّ من أسباب يعزا ّإليها قبول النص الأدبي لدى المتذوق للنّصوص الأدبيّة، وفي مقدّمة هذه الأسباب الأسلوبيّة الّتي أصبحت علمًا مستقلًا، أفرغ العلماء فيه خزائن مكنوناتهم كي يصبح حاضرا في ذهن كلّ مؤلِّف. والأسلوبيّة يتطرّق إليها الأديب ملمّحًا ومشيرًا إليها دون تصريح ويفهم من عموم كلامه وتزاحم سطوره أنَّه يعني الأسلوب ويخصّه بالاهتمام، وهناك جملة من الأدباء والعلماء أعطوا الأسلوبيّة الأهمية القصوى، وأفردوا لها مؤلَّفات وفصولًا مستقلّة، ومن أرباب هذا الفنّ وأساطينه عبدالقاهر الجرجاني الّذي اعتنى بالأسلوبيّة وطاف حولها من خلال كتابيه دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة، وها هو محمّد الطّرابلس يترجم هذا الفكر في كتابه خصائص الأسلوب في الشّوقيّات، حيث أثبت فيه أهميّة الأسلوبيّة ودورها في إبراز النّص الأدبي وإظهاره بالصّورة الواضحة الّتي تستجلب حضور الذّهن وتخيّل المشهد والصورة معا، أمّا عبدالسّلام المسدّي لم يكن ببعيد عن هذا الجهد فقد أفاض يراع قلمه في هذا المضمار ومن أشهر مؤلَّفاته الأسلوبيّة والأسلوب، كما ناقش قضيّة البنيويّة، وأفرغ ذهنه وكدّه وحين قام بدرسة النّظرية اللّسانيّة والشّعريّة في التّراث العربي من خلال النّصوص. جاء هذا البحث مسلّطا الضّوء على هذه الجهود الّتي قام بها هؤلاء الجهابذة، ليطلعنا على نماذج من النصوص الأدبيّة الّتي لعبة الأسلوبيّة دورًا مهمّ في تمكينها وإثارتها في قلب وذهن المتصفّح.