مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
تعتبر المُمارسة التُّشكيليّة المُعاصرة نشاط فكري وظاهرة اجتماعيّة خلاّقة، تتميّز بتأثير وتأثر إبداعيّ يعكس وعي الفنّان التّشكيلي المُعاصر وتفاعله مع قضايا عصره، وفي هذا الطرح يقول هيغل "إنّ الفنّ هو الأداة الوحيدة لفهم ثقافة شعب ما" ، فتحوّل الفنّ المُعاصر إلى الاشتغال على المفهوم، لتصبح الفكرة قوام العمل الفني، وتتحرّر الممارسة التَّشكيليّة من قيود المحاكاة وحدود تعبيرها. وهكذا يغدو المنتج الفني وخاصّة التشكيلي قائما على إنتاج الأفكار ومباشرة أوضاع المجتمعات، حيث تجاوز فعل التّجسيد والمحاكاة ليصبح أداة مقاومة ووسيلة يمرر من خلالها الفنان المبدع مواقفه الإنسانيّة تجاه كلّ ما يسود عصره من ظواهر معيبة فيهدف إلى إيجاد حلول عمليّة لتدابير محددة وإصلاح جذري أو حتى تغيير ثوريّ. وفي هذا الإطار يخبرنا "جيل دولوز" بأنه يوجد نوع من "التأكيد الأساسي بين العمل الفني وفعل المقاومة" . مما انجر عنه أن يقدم الفنّان أفكارا تعبر عن مجتمعه أثناء إنتاجه للعمل التّشكيلي بالإضافة إلى أنّه أصبح يلعب دوراً هاما في ثقافة المجتمع، حيث يقدم تصورات ضمن أعمال فنيّة حيّة تطل على أبعاد سوسيو ثقافية بالأساس لها علاقة واضحة مع الحياة المجتمعية. وهو المنهج الّذي اتخذته في ممارستي الفنيّة الخزفيّة "إبادة" حيث التزمت بقضيّة الأمة العربيّة "القضيّة الفلسطينيّة" فمن خلال أعمالي الفنيّة حاولت رصد هموم الشعب الفلسطيني وانكساراته، حيث نقدت الحرب ومخلفاتها بمنجزات خزفيّة متفرّدة من حيث تصّورها التّقني ومبتغاها الموضوعي، فكانت جلّ أعمالي الخزفيّة جريئة لم ألتزم فيها بالمعايير الجماليّة المألوفة والمرتهنة للغة الجميل بل كانت بمثابة البحث في المشوّه، الجريح والمنكسر والبعيد عن كل المعاير الجماليّة الكلاسيكيّة. إذ قمت بتشكيل خزفا أثرت فيه الهموم، الدمار والإبادة الّتي خلفتها الحرب في غزّة. فكيف تمثّلت ممارستي الخزفية (إبادة) قضيّة الحرب في فلسطين؟ وما هي السبل الفنيّة والتَّشكيليّة البصريّة الّتي تمّ توظيفها لغاية طرح خطاب نقدي؟ وما مدى قدرتها على كشف وتعرية الواقع الاجتماعي في غزة؟