مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
من المفاهيم الّتي يتمّ تداولها بشدّة في تونس كما في غيرها من بلدان المجتمع النّامي، مفهوم "التّنمية" développement ، ورغم الاستعمالات اليوميّة لهذا المفهوم في خطابات الفاعلين الاجتماعيين، فإنّه بقي في حدود التّداول اللفظي ولم يرتق إلى الطموحات الاقتصادية والاجتماعيّة والصحيّة والتّربوية للمجتمعات المحليّة. وكثيرا ما انحصرت مفاهيم التّنمية عند الأغلبيّة في محاربة التّهميش والفقر والبطالة، في حين أن أدوارها الحقيقيّة تتجاوز هذا التفكير الكلاسيكي وتأخذ منحى الرّقي الاقتصادي والرفاه الاجتماعي والاستقرار السّياسي والتّطوّر الثّقافي والصّحي والتّربوي. لئن تفطّن الفاعل السّياسي في تونس إلى أهميّة التّنمية الشّاملة في بناء دولة ما بعد الاستقلال، فإنّه صوّب اهتمامه نحو تنمية المناطق الحضريّة وبقيت المناطق الرّيفيّة على هامش استراتيجياته الاقتصاديّة ولم تدخل في حساباته التّنمويّة. لكن إذا نظرنا من زاوية موضوعيّة للخِدمات الّتي يقدّمها المجتمع الرّيفي للمجتمع الحضري والمتمثلة خاصّة في تأمين الأمن الغذائي، نفهم أنّ تنمية المناطق الرّيفيّة أصبحت ضرورة ملحّة حتّى يتحولّ هذا الفضاء الموسوم بالاستهلاك والاتّكال إلى قوّة للعمل والإنتاج قد تُسهم في إنعاش الاقتصاد المحلّي وتساعد على إخراجه من ركوده وانكماشه