مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
تُشكّل السياسة العقابية في القانون الجمركي أحد أبرز أوجه التفاعل بين سلطة الإدارة وحقوق الأفراد، لما تنطوي عليه من أدوات زجرية تتعدى في كثير من الأحيان الطابع الضريبي إلى نطاق التجريم والملاحقة والحرمان من الحرية. ويكتسب هذا الموضوع أهمية خاصة في ظل تزايد التهديدات العابرة للحدود المرتبطة بالتهريب، وتنامي الحاجة إلى أجهزة رقابية تتمتع بالفعالية دون أن تفرّط في الضمانات الدستورية. وتُظهر التجارب المقارنة تنوعًا واضحًا في كيفية تنظيم العقوبات الجمركية وتوزيع صلاحياتها بين الإدارة والقضاء. فبينما تُكرّس بعض الأنظمة، كالنظام الفرنسي، نموذجًا مزدوجًا يُراعي المبادئ الإجرائية، تتجه دول أخرى إلى منح الإدارة الجمركية سلطات شبه قضائية قد تمس بحقوق الدفاع والمحاكمة العادلة، كما هو الحال في بعض التطبيقات اللبنانية. وفي هذا الإطار، تبرز أهمية البحث في السياسة العقابية الجمركية بمنهج مقارن، كمدخل لتحليل المفارقات وتحديد أوجه النقص البنيوي والتشريعي.