مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
ظهرت قصيدة (ما لم تقله زرقاء اليمامة) ( ) عام 2013هـ للشاعر السوداني محمد عبد الباري( ) في مقطع مرئي على موقع يوتيوب، ولقيت وقتها استحساناً محدوداً، لكنها سرعان ما انتشرت، وتناقلها الجمهور باهتمام، فنتج عن تفاعلهم معها أشكالاً عديدة، متأثرة بما عُرف بالمسافة الجمالية، أحد مصطلحات نظرية التلقي. تعُرّف المسافة الجمالية بأنها المسافة التي تفصل بين أفق النص وأفق توقعات القارئ الخاصة به، فإن توافق الأفقان كان النص عادياً، وإن كان مخيّباً لأفق القارئ شكّل عملاً فنياً له قيمته، وبنى عليه القارئ أفقاً جديداً. وفي قصيدة عبد الباري التي اختارتها الدراسة، ذُكر بأن الشاعر تنبّأ بحدوث أمور لم تكن في حسبان الفرد العربي، فكانت أبيات النبوءة _على عكس المتوقع_ بدلاً من البشارة والتفاؤل، متجهة إلى الواقعية السوداوية. وهذه الصدمة سببت كسراً لآفاق السامعين، واتساعاً في المقابل للمسافة الجمالية بين توقعاتهم وبين أفق النص، ما منحها أبعاداً مختلفة في تفاعلهم معها. إذ التفاعل والقراءة عمليتان علاجيّتان للقارئ بحسب نورمان هولاند، فبهذه العملية يمكن للمتلقي اكتشاف موضوع الهوية التي تخصه، والتعرف على دوافعه وذاتيّته ورغبته، ما يعني انتقال الرغبة إلى وعي القارئ ولا وعيه من خلال النص ( ). تهدف هذه الدراسة إلى بيان تأثير المسافة الجمالية على تفاعل المتلقين على ضوء نظرية الاستقبال في قصيدة (ما لم تقله زرقاء اليمامة)، والتي لقيت تفاعلاً مثمراً في أوساط المستقبِلين على اختلاف ثقافاتهم، مع محاولة الإجابة على سؤال لماذا حازت هذه القصيدة على الخصوص اهتمام المتلقي؟ يتقدم الدراسة استفتاح تنظيري مبسّط لماهية نظرية الاستقبال، ومصطلحاتها، وأهم رموزها، ويتوسطها الجانب التطبيقي، ثم تُختم بخلاصة شاملة لأهمّ النتائج.