مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
أصبح استخدام الوسائط الإلكترونية من أبرز الأدوات المعتمدة في الترويج والتسويق الموسيقي لمختلف فئات المجتمع. ونتيجة لذلك، نلاحظ الانتشار الواسع للمحتوى الموسيقي على المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، وتأثيره الواضح على فئة الشباب والرأي العام في تونس والعالم العربي، لا سيما بعد ثورة الربيع العربي التي طالت العديد من الدول العربية. وقد أدى ذلك إلى تراجع الموضوعات التقليدية مثل الرومانسية، والمشاعر، والدين، والأغاني التي تمجّد النظام، لصالح الأغاني التي تُعلي من شأن الطبقات العاملة والمهمّشة، وظهور موضوعات جديدة. وتُظهر دراستنا في ميدان سوسيولوجيا الموسيقى، والمبنية على تقنيات إحصائية، أنّ موسيقى الراب قد هيمنت على المشهد السمعي البصري منذ ثورة 2011. إذ شهدت منصات مثل "تيك توك"، و"فيسبوك"، و"يوتيوب" إقبالاً متزايدًا، بفضل ما تتيحه من محتوى منخفض التكلفة، مما ساهم في تراجع دور الوسائط التقليدية، وتضاؤل تأثير الأغاني الوطنية والدينية. كما تأثرت الأجيال الشابة بشكل ملحوظ بالأنماط الموسيقية الأجنبية، التي تتسم ببنية شعرية ولحنية بسيطة، خالية من التعقيد الموسيقي أو الأدبي. لقد ساهمت الوسائط الرقمية بشكل كبير في تشكيل الذائقة الفنية ضمن هذا الاتجاه. ومن ثمّ، تبرز الحاجة المُلِحّة إلى تبنّي حلول تُسهم في الحفاظ على الهوية الثقافية الموسيقية والإرث الفني، تفاديًا لهيمنة ذائقة فنية استهلاكية تحكمها التوجّهات السمعية الراهنة. فهذا التطوّر السريع في وسائط التعبير الموسيقي، إلى جانب تدفّق الأساليب الفنية المتنوّعة، يفرض ضرورة إدارة واعية تحافظ على التكامل الثقافي.