مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
تتناول هذه الدراسة تطوّر العلاج بالموسيقى بوصفه فرعًا من فروع العلاج بالفن، الذي شهد تحولًا كبيرًا في العقود الأخيرة، مدفوعًا بالتقدّم التكنولوجي والوسائط الرقمية التي ساهمت في تطوير استخدامه. يُعَدّ العلاج بالموسيقى من الوسائل الفعّالة في التأثير على الحالة النفسية، وقد تنوّعت أساليبه وتقنياته، ومن أبرزها العلاج بالموسيقى التقبّلي، الذي تعتمد عليه طريقة بوني للخيال الموجّه بالموسيقى. هذه الطريقة العلاجية مستلهمة من نظريات الطب النفسي وتعتمد على الاستماع إلى مقاطع موسيقية مختارة أثناء حالة من الاسترخاء العميق، حيث تلعب الموسيقى دور المحفّز لاستدعاء الصور الذهنية والذكريات الكامنة، مما يفتح المجال أمام عمليات نفسية أعمق تساعد في تحقيق التغيير العاطفي والمعرفي يتخلل كل ذلك حوار مع المعالج النفسي الذي يوجه عملية التخيل. غير أن نجاح هذه الطريقة يستوجب تصنيف الموسيقى المستخدمة وفقًا لتأثيراتها النفسية والعاطفية، مما يثير تساؤلات جوهرية حول إمكانية وضع معايير دقيقة لتحديد تلك التأثيرات. في هذا السياق، ظهرت أدوات تصنيفية تهدف إلى تسهيل استخدام الموسيقى في العلاج، من أبرزها "عجلة المزاج"، التي تُقسّم التجربة الموسيقية إلى تسعة أنماط انفعالية مختلفة، و"مصفوفة تصنيف الموسيقى"، التي تفرز الأعمال الموسيقية إلى ثلاث فئات رئيسية: موسيقى الدعم، موسيقى المزج بين الدعم والتعقيد، وموسيقى التعقيد، مع مراعاة التدرّج داخل كل فئة وفق مستويات الشدة العاطفية. سنسعى في هذا الطرح إلى تحليل هذه الأدوات التصنيفية واستعراض تطبيقاتها في العلاج بالموسيقى، مع الحديث في الجزء الأخير حول إمكانية توظيفها في تصنيف الموسيقى العربية. فكما تم تصنيف الموسيقى الكلاسيكية الغربية وفق تأثيراتها النفسية، تبرز الحاجة إلى دراسة الموسيقى العربية وفق المنهجيات ذاتها مع مراعاة الخصوصيات الموسيقية والثقافية لهذه المجتمعات، مما قد يفتح آفاقًا جديدة لاستخدامها في العلاج النفسي وتعزيز الوعي بأهميتها في السياقات العلاجية داخل المجتمعات العربية.