مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
يعرف عالمنا المعاصر تغيرات متلاحقة وتطورات مستمرة في جميع المجالات حتى أضحت هذه التغيرات تلامس كل جزئية من حياتنا، فالتكيف مع هذه التغيرات السريعة والمتواصلة يعد من أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات الإنسانية خلال القرن الحالي. وفي خضم هذه التغيرات يطفو دور وأهمية قطاع التربية والتكوين، الذي يعتبر بحق السبيل الأمثل لتجاوز التخلف واللحاق بركب التقدم والرقي، ولن يتحقق ذلك إلا إذا حقق هذا القطاع في ذاته تغييرا نوعيا يواكب التغيرات التي تعرفها كل مجالات الحياة، فلم تعد الأساليب التربوية والإدارية والتأطيرية التي تمارس في نظامنا التربوي مقبولة للتعامل مع المستجدات والمتغيرات التي يعرفها هذا العصر، الأمر الذي يفرض على هذه المؤسسات والجهات المسؤولة عنها حتمية التغيير الذي يمكنها من استيعاب الثروة المعلوماتية واستثمار التطورات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية. ومن هذا المنطلق جاءت الدعوات التي تنادي بإحداث التغييرات التربوية في المملكة المغربية على سبيل المثال، استجابة لهذه التحديات، فجاء الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي خصصت له العشرية 2000/2009، ثم بعده المخطط الاستعجالي الذي خصصت له الفترة من 2010 إلى 2012، ثم الرؤية الاستراتيجية خلال الفترة من 2015 إلى 2030، والتي بدأت الوزارة في تفعيل بنودها بدءا بتنزيل التدابير ذات الأولوية ابتداء من الموسم الدراسي والتكويني 2015/2016، والآن خارطة الطريق التي حددت لها فترة من 2022 إلى 2026 من أجل إرساء نموذج جديد لتدبير إصلاح التعليم. إن هذا المشروع الإصلاحي الأخير يبشر بإحداث تغييرات استراتيجية نوعية كبيرة في ميدان التربية والتكوين، ولكن هذه التغييرات لن تؤتي ثمارها ما لم تتوفر لها مقومات النجاح وفي مقدمتها توفر قيادات تربوية مؤثرة وقادرة على قيادة عمليات التغيير وتوجيهها نحو تحقيق أهدافها المنشودة. وبما أن الإدارة التربوية تحتل مكانة خاصة في النظام التربوي حيث تعتبر إحدى الركائز الأساس في تطوير العمل التربوي، فإنه يعول عليها كثيرا في تجويد وتحسين العملية التربوية والتعليمية في بلادنا. وانطلاقا من أن الإدارة هي في جوهرها عملية قيادية، فإنه يجب أن يتطور دور مدير المؤسسة التعليمية باعتباره مدبرا تربويا ليكون قائدا تربويا فاعلا يتلمس دواعي التغيير التربوي ويدعو إليه ويعمل على تطبيقه بصورة تشاركية في بيئة ابداعية محفزة.