مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
هدفت هذه الدراسة إلى تحليل أثر تأخر إصدار التقارير الرقابية السنوية الصادرة عن ديوان المحاسبة الليبي خلال الفترة (2011–2023) على فعالية الرقابة المالية، وذلك في ضوء المعايير الدولية للشفافية والمساءلة. برزت أهمية البحث من تركيزه على البعد الزمني لإصدار التقارير الرقابية، وهو جانب لم يحظَ بالاهتمام الكافي في الأدبيات المحلية، رغم كونه محدداً أساسياً لجودة المعلومات الرقابية وقدرتها على التأثير في سلوك الجهات الخاضعة للرقابة. تمثلت مشكلة الدراسة في الفجوة الزمنية الكبيرة بين نهاية السنة المالية ونشر التقارير، والتي تصل أحياناً إلى أكثر من عامين، مما يضعف خاصية التوقيت ويؤخر الإجراءات التصحيحية ويحد من ثقة أصحاب المصلحة في جدوى الرقابة المالية. وانطلقت الدراسة من فرضية رئيسة مفادها أن لتأخر إصدار التقارير الرقابية أثراً ذا دلالة إحصائية على فعالية الرقابة المالية، وتفرعت عنها ثلاث فرضيات فرعية تناولت العلاقة بين توقيت الإصدار وجودة التوصيات، وانتظامية النشر وقدرة الديوان على الكشف المبكر عن المخالفات، إضافة إلى أثر العوامل المؤسسية والفنية على كفاءة التنفيذ الرقابي. اعتمدت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، مستندة إلى تحليل وثائقي للتقارير السنوية الصادرة عن الديوان، واستخراج مؤشرات زمنية (تاريخ الإصدار مقارنة بنهاية السنة المالية) ومؤشرات موضوعية (جودة التوصيات، حجم المخالفات، الإجراءات المتخذة)، ثم تحليلها إحصائياً لقياس أثر عامل التوقيت على الفاعلية الرقابية. أظهرت النتائج أن استمرار التأخر في إصدار التقارير ينعكس سلباً على مصداقيتها، ويؤخر الإجراءات التصحيحية، ويضعف ثقة الجمهور والمؤسسات في جدوى الرقابة، مما يفتح المجال أمام تفاقم الفساد وسوء الإدارة. كما تبين أن العوامل المؤسسية والفنية، مثل ضعف التنسيق ونقص الموارد البشرية والفنية، تمثل أسباباً رئيسة للتأخر. وخلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات أبرزها، ضرورة تعديل الإطار القانوني بما يجعل توصيات الديوان ملزمة للجهات الخاضعة للرقابة، إنشاء وحدة متابعة مركزية لضمان الامتثال، والإسراع في إقرار الإطار المالي الموحد للدولة بما يعزز انتظامية النشر ويقوي الدور الرقابي للديوان. أكدت هذه النتائج أن معالجة إشكالية التأخر الزمني في إصدار التقارير الرقابية تمثل مدخلاً أساسياً لتعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة، وتطوير منظومة الرقابة المالية في ليبيا بما يواكب المعايير الدولية.