مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
حين ضاقت الدّنيا بأبي حيان، جاع حتى صار الجوع له صديقًا، وخيب الوزراء أمله فتركوه للوحدة، حينها كتب عن الصّداقة ليس بوصفها فكرة فلسفيّة، بل ملجأ يعنى أنا موجود، وصوتًا ذاتيًا يبحث عن سند. من هنا تأتي أهميّة البحث، إذ يسعى إلى دراسة كتاب (الصّداقة والصّديق) لأبي حيّان التّوحيدي الّذي جمع بين الفكر الفلسفي اليوناني في عرضه لفكر أفلاطون في محاوراته، وآراء أرسطو في كتابه (الأخلاق النيقوماخيّة)، وبين الفكر الإسلامي عند الفارابي وابن مسكويه اللّذان يعدان الصّداقة أساسا من أسس الفضائل وتهذيب النّفس، وليكشف تأثر التّجربة الذّاتيّة في فلسفة التّوحيدي تلك الفلسفة الّتي تلتقي مع فلسفة المذهب الوجداني الّذي ظهر في العصر الحديث، ومقارنة أراء التّوحيدي مع أولئك الفلاسفة ومنهم كيركغارد الّذي تتوافق آراءه مع التوحيدي في تمجيد التّجربة الّذاتيّة. في هذا الإطار يأتي كتاب الصّداقة والصّديق والّذي يعدّ من أهمّ النّصوص التّراثيّة في القرن الرّابع لأنّه يتجاوز التّنظير الفلسفي لفكرة الصّداقة كما عرضتها الفلسفة التّقليديّة إلى دعوة صريحة للمزج بين الفكر والتّجربة الذّاتيّة، فالكتاب يمكن اعتباره سيرة ذاتيّة وجدانيّة تبين خيبات أمل الكاتب وحدته اغترابه، وتبين حياة الفلاسفة في عصر اتسم بالاضطرابات الاجتماعيّة والسّياسيّة. سؤال البحث: هل قدم التّوحيدي في كتابه تصورًا فلسفيًّا عقليًّا لفكرة الصّداقة، أم أنّه حوّل الصّديق إلى مرآة لحياته وتجربته الشّخصيّة؟ هذا السّؤال يظهر أهداف البحث -تتبع أراء التّوحيدي الفلسفيّة ومقارنتها بآراء أفلاطون وأرسطو والفارابي. -الكشف عن تجربة التّوحيدي الذّاتيّة والّتي أضفت على الكتاب طابع التّجربة الذّاتيّة المقنعة. -يظهر البحث كيف امتزج البعد الفلسفي بالهمّ الشّخصي ليخلق تصورًا جديدا للصّداقة. فرضية البحث تقوم فرضيّة هذا البحث على اعتبار كتاب الصّداقة والصّديق ليس مجرد تجميع لأقوال الفلاسفة والفقهاء في معنى الصّداقة، بل هو بناء سردي فلسفي يبين معرفة التّوحيدي بالفلسفة الوجدانيّة في بعدها الأخلاقي والوجودي، ويكشف الكتاب عن ملامح من حياته وتجاربه الشّخصيّة، وبذلك يمكن دراسة الكتاب كنّصّ متداخل يجمع بين الفلسفة والسّيرة الذّاتيّة.