مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
تُعد هذه الدراسة أحد بواكير الدراسات في منطقة الصحراء الليبية. نحن نعرف جميعا أن كل الدراسات تم تركيزها على الساحل لتوفرها على المصادر والمراجع، لتوفرها على بنية أساسية وضعها الاستعمار، فمنطقة الساحل بما فيها برقة وطرابلس تمثلها جذور استعمارية تركيزها على منطقة الساحل، فبالتالي أهملت منطقة الصحراء أو منظقة فزان إلا بما يخدم الأغراض الاستعمارية وهي أن بعض مناطق فزان كانت مناطق عبور تجارة عبر الصحراء أو التجارة البينية. كما وتعد هذه الدراسة مغامرة في صحراء قاحلة ومفلسة من حيث العشب والمصادر والمراجع، وما هو موجود نعتبره مصادر كلاسيكية. فالمادة المصدرية إذا ضعيفة جدا إلا المادة المصدرية المتداولة، وهي في حقيقة الأمر لا تشبع غليل الباحث فكل الدراسات السابقة كانت مركزة على الساحل طرابلس وبرقة، ولا تتناول فزان إلا عرضا من خلال تجارة عبور القوافل. تهدف الدراسة إلى إبراز الأهمية الجغرافية والاقتصادية باعتبارها مركز مهم للإنتاج الاقتصادي والمبادلات التجارية التي تتم عبرها. اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي منطلقا منهجيا من أجل توصيف الوقائع والظواهر التاريخية التي حكمت التحقيب التاريخي لمدينة زويلة في التاريخ الليبي، وهو منهج فرض علينا منذ البداية متابعة سيرورة تطور الجغرافي والتاريخي والأنبروبولوجي لمدينة زويلة. أظهرت النتائج التأكيد على أهمية الاعتبارات الجغرافية والبيئية والتاريخية وأدوارها المؤثرة في بروز نهضة حضارية بإقليم فزان، ولعلها نهضة، أسهم فيها عامل التجارة بجنوب الصحراء والحضارات المتعاقبة عليها إسهاما كبيرا، كما أظهرت الدراسة المساهمة في إعادة ترميم شذرات من التاريخ الوطني الليبي الممتد عبر الحقب والقرون. وهو إسهام لا نفتأ ندعو إليه في وقت تتجدد فيه الدعوة لإعادة كتابة تاريخنا بمنظور تاريخي ومنهج جديدين، خلصت الدراسة لتأكيد القول بأن هناك دولة في فزان تركت تراثا ضخما ورائعا لم توف حقها من البحث والاعتبار، في الوقت الذي اهتم بها غيرنا. ذلك ما يمثل نقيصة فينا وثغرة في توجهاتنا الثقافية يجب سدها، وأكدت النتائج أن التاريخ غدا اليوم يتجه حثيتا نحو دراسة تاريخ الشعوب، ونعني تاريخنا الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي يكاد يضيع ويتلاشى بين صخب الحروب، وبين ضجيج السياسة.